وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ
كان ثوبان مولى رسول الله شديد الحب له، قليل الصبر عنه، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه ونحل جسمه، يعرف في وجهه الحزن، فقال له النبي:
"ما غير لونك؟!" قال: يا رسول الله، ما بي ضر ولا وجع غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى
ألقاك، ثم ذكرت الآخرة وأخاف أن لا أراك هناك؛ لأني عرفت أنك ترفع مع النبيين، وأنى إن دخلت الجنة كنت في منزلة هي أدنى من منزلتك، وإن لم أدخل لا أراك أبدًا. فأنزل الله قوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69].
رحم الله ثوبان! حاله مع رسول الله كما قال الشاعر:
الحـزن يحرقـه والليل يقلقه *** والصبر يسكتـه والحـب ينطقه
ويستر الحال عمـن ليـس *** يعذره وكيف يستره والدمع يسبقه
الرحمة المهداة
قال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].
لولاه لنزل العذاب بالأمة.. لولاه لاستحققنا الخلود في النار.. لولاه لضعنا. قال ابن القيم في جلاء الأفهام: "إن عموم العالمين حصل لهم النفع برسالته؛ أما أتباعه: فنالوا بها كرامة الدنيا والآخرة. وأما أعداؤه المحاربون له: فالذين عجل قتلهم وموتهم خير لهم من حياتهم؛ لأن حياتهم زيادة في تغليظ العذاب عليهم في الدار الآخرة، وهم قد كتب الله عليهم الشقاء فتعجيل موتهم خير لهم من طول أعمارهم. وأما المعاهدون له: فعاشوا في الدنيا تحت ظله وعهده وذمته، وهم أقل شرًّا بذلك العهد من المحاربين له.
وأما المنافقون فحصل لهم بإظهار الإيمان به حقن دمائهم وأموالهم وأهليهم واحترامها، وجريان أحكام المسلمين عليهم في التوراة وغيرها. وأما الأمم النائية عنه: فإن الله U رفع برسالته العذاب العام عن أهل الأرض. فأصاب كل العاملين النفع برسالته".
لطيفة
قال الحسن بن الفضل: لم يجمع الله لأحد من الأنبياء اسمين من أسمائه إلا للنبي ، فإنه قال فيه: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]. وقال في نفسه: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 143].
اصبـر لكل مصيبـة وتجلد *** واعلـم بأن المـرء غير مخـلـد
واصبر كما صبر الكرام فإنها *** نوب تنوب اليوم تكشف في غـد
وإذا أتتك مصيبة تبلى بـها *** فاذكر مصـابك بالنبـي محمـد
الجماد أحبه.. وأنت؟!
لما فقده الجذع الذي كان يخطب عليه قبل اتخاذ المنبر حنَّ إليه، وصاح كما يصيح الصبي، فنزل إليه فاعتنقه، فجعل يهذي كما يهذي الصبي الذي يسكن عند بكائه، فقال: "لو لم أعتنقه لحنَّ إلى يوم القيامة".
كان الحسن البصري إذا حدَّث بهذا الحديث بكى وقال: "هذه خشبة تحنُّ إلى رسول الله ، فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه".
ما أشد حبه لنا!!
تلا النبي قول الله في إبراهيم: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: 36]. وقول عيسى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118]. فرفع يديه وقال: "اللهم أمتي، أمتي". وبكى، فقال الله: "يا جبريل، اذهب إلى محمد فسله: ما يبكيك؟" فأتاه جبريل فسأله، فأخبره النبي بما قال، فأخبر جبريل ربه وهو أعلم، فقال الله: "يا جبريل، اذهب إلى محمد، فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك".
حجاب.. واثنان.. وثلاثة
1- حجاب الصدقة: لقوله: "اجعلوا بينكم وبين النار حجابًا ولو بشق تمرة".
2- حجاب الذكر: فعن أبي هريرة ، قال: "خذوا جنتكم من النار.. قولوا: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فإنهن يأتين يوم القيامة مقدمات ومعقبات ومجنبات، وهن الباقيات الصالحات".
3- حجاب تربية البنات: لقوله: "ليس أحد من أمتي يعول ثلاث بنات أو ثلاث أخوات، فيحسن إليهن إلا كُنَّ له سترًا من النار".
كان ثوبان مولى رسول الله شديد الحب له، قليل الصبر عنه، فأتاه ذات يوم وقد تغير لونه ونحل جسمه، يعرف في وجهه الحزن، فقال له النبي:
"ما غير لونك؟!" قال: يا رسول الله، ما بي ضر ولا وجع غير أني إذا لم أرك اشتقت إليك واستوحشت وحشة شديدة حتى
ألقاك، ثم ذكرت الآخرة وأخاف أن لا أراك هناك؛ لأني عرفت أنك ترفع مع النبيين، وأنى إن دخلت الجنة كنت في منزلة هي أدنى من منزلتك، وإن لم أدخل لا أراك أبدًا. فأنزل الله قوله: {وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69].
رحم الله ثوبان! حاله مع رسول الله كما قال الشاعر:
الحـزن يحرقـه والليل يقلقه *** والصبر يسكتـه والحـب ينطقه
ويستر الحال عمـن ليـس *** يعذره وكيف يستره والدمع يسبقه
الرحمة المهداة
قال: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} [الأنبياء: 107].
لولاه لنزل العذاب بالأمة.. لولاه لاستحققنا الخلود في النار.. لولاه لضعنا. قال ابن القيم في جلاء الأفهام: "إن عموم العالمين حصل لهم النفع برسالته؛ أما أتباعه: فنالوا بها كرامة الدنيا والآخرة. وأما أعداؤه المحاربون له: فالذين عجل قتلهم وموتهم خير لهم من حياتهم؛ لأن حياتهم زيادة في تغليظ العذاب عليهم في الدار الآخرة، وهم قد كتب الله عليهم الشقاء فتعجيل موتهم خير لهم من طول أعمارهم. وأما المعاهدون له: فعاشوا في الدنيا تحت ظله وعهده وذمته، وهم أقل شرًّا بذلك العهد من المحاربين له.
وأما المنافقون فحصل لهم بإظهار الإيمان به حقن دمائهم وأموالهم وأهليهم واحترامها، وجريان أحكام المسلمين عليهم في التوراة وغيرها. وأما الأمم النائية عنه: فإن الله U رفع برسالته العذاب العام عن أهل الأرض. فأصاب كل العاملين النفع برسالته".
لطيفة
قال الحسن بن الفضل: لم يجمع الله لأحد من الأنبياء اسمين من أسمائه إلا للنبي ، فإنه قال فيه: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ} [التوبة: 128]. وقال في نفسه: {إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَحِيمٌ} [البقرة: 143].
اصبـر لكل مصيبـة وتجلد *** واعلـم بأن المـرء غير مخـلـد
واصبر كما صبر الكرام فإنها *** نوب تنوب اليوم تكشف في غـد
وإذا أتتك مصيبة تبلى بـها *** فاذكر مصـابك بالنبـي محمـد
الجماد أحبه.. وأنت؟!
لما فقده الجذع الذي كان يخطب عليه قبل اتخاذ المنبر حنَّ إليه، وصاح كما يصيح الصبي، فنزل إليه فاعتنقه، فجعل يهذي كما يهذي الصبي الذي يسكن عند بكائه، فقال: "لو لم أعتنقه لحنَّ إلى يوم القيامة".
كان الحسن البصري إذا حدَّث بهذا الحديث بكى وقال: "هذه خشبة تحنُّ إلى رسول الله ، فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه".
ما أشد حبه لنا!!
تلا النبي قول الله في إبراهيم: {رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ فَمَنْ تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَحِيمٌ} [إبراهيم: 36]. وقول عيسى: {إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118]. فرفع يديه وقال: "اللهم أمتي، أمتي". وبكى، فقال الله: "يا جبريل، اذهب إلى محمد فسله: ما يبكيك؟" فأتاه جبريل فسأله، فأخبره النبي بما قال، فأخبر جبريل ربه وهو أعلم، فقال الله: "يا جبريل، اذهب إلى محمد، فقل: إنا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك".
حجاب.. واثنان.. وثلاثة
1- حجاب الصدقة: لقوله: "اجعلوا بينكم وبين النار حجابًا ولو بشق تمرة".
2- حجاب الذكر: فعن أبي هريرة ، قال: "خذوا جنتكم من النار.. قولوا: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، فإنهن يأتين يوم القيامة مقدمات ومعقبات ومجنبات، وهن الباقيات الصالحات".
3- حجاب تربية البنات: لقوله: "ليس أحد من أمتي يعول ثلاث بنات أو ثلاث أخوات، فيحسن إليهن إلا كُنَّ له سترًا من النار".